[size=21]بسم الله الرحمن الرحيم
(إن دعتْك النفسُ الأمارة بالسوء إلى بعض المعاصي؛ قال لها الإيمان:
يا نفس! كيف يليق بكِ أن تأمريني بما يُضعف إيماني، ويعود عليكِ بالخسار؟!
كيف تأمرينني بِلذَّة ساعةٍ تُفوِّت لذاتٍ كثيرةً مِن أبلغها لذة حلاوة الإيمان؟!
أما تعلمين أن للإيمان حلاوة تُزري بِلَذَّات الدُّنيا كلها؟!
فالله الله -يا نفس!- أن تفجعيني بهذه الحلاوة.
ويحك -يا نفس!-!
أمَا لكِ نظر في عواقب الأمور؟!
فإن خاصية العقل: النظر في عواقب الأمور كما ينظر في مبادِيها، وإنه لا يدخل في أمر من الأمور حتى يَعرف المخرج منه بعافيةٍ وسلامة.
أما علِمتِ أن مَن وقع في المعاصي ارتكس، وكلما كرَّرها؛ استحكمَ قيدُه وحبْسُه وانتكس؟!
ويحك -يا نفس!-!
إذا أردتِ أن تعصي اللهَ؛ فلا تستعيني بنِعَمِه على معاصيه؛ فإن المعصية لا تتأتى إلا مِن القوَّة والعافية؛ ومَن الذي أعطاها؟!
ولا تتحرَّك إلا مِن توالي الشبع؛ ومَن الذي يسَّر الأقوات وآتاها؟!
ولا تكون -في العادة- إلا بخلْوة من الخلْق؛ ومَن الذي أسبل عليكَ حِلمَه
وسترَه، ولا تقع إلا بِنظرِه إليك؟! فإيَّاك أن تستخفي باطلاعه وعِلمه.
أما تعلمين -يا نفسُ!- أن مَن جاهد نفسَه عن المعاصي وألزمها الخيرَ؛ فقد سعى في سعادتها، وقد أفلح مَن زكَّاها؟!
وأن مَن أطاع نفسَه على ما تُريد من الشَّر؛ فقد تسبب لهلاكِها ودسَّاها؟!
ويحك -يا نفسُ!-!
كم بيني وبينك في المعاملة: أنتِ تريدين هلاكي، وأنا أسعى لك بالنجاة!!
وأنتِ تحيلين عليَّ بكلِّ طريق يوقِع في المضارِّ والشُّرور، وأنا أجتهد
لكِ في كل أمرٍ مآله الخير والرَّاحة والسُّرور!!
هلمِّي -يا نفس!- إلى صُلح شريف يحتفظ كلٌّ منا على ما له مِن المُراداتِ
والمقاصد، ونتَّفق على أمرٍ يحصل به للطَّرَفَين أصناف المصالح والفوائد.
دعيني -يا نفس!- أمضي متقدِّمًا إلى الخيرات، متَّجرًا فيه لتحصيل المكاسب والبركات.
دعيني أتوسَّل بإيماني إلى مَن أعطاه أن يُتمَّه بتمام الهداية، وكمال
الرَّحمة، وأُكمل ما نقص منه؛ لعل اللهَ أن يُتم عليَّ وعليكِ النِّعمةَ.
ولئن تركتيني وشأني -لَمْ تعترضي عليَّ-بوجهٍ من الوجوه-؛ لأعطينَّكِ كلَّ ما تطلبينَه من المباحات، وكلَّ ما تؤمِّله النفوس وترجوه.
ولئن تركتيني وشأني؛ لأوصلنَّك إلى خيراتٍ ولذَّات طالما تمنَّاها المُتمنُّون، وطالما مات بِحسرتِها -قبل إدراكها- البطَّالون.
يا نفسُ!
أما تُحبين أن تُنقلي مِن هذا الوصف الدنيء إلى أوصاف النفوس المُطمئِنة
التي اطمأنَّتْ إلى ربِّها، وإلى ذِكرِه، واطمأنَّت إلى عطائه ومَنعِه،
واطمأنَّت إليه في جميع تدبيره، واطمأنَّت إلى توحيده والإيمان به حتى
سلاها عن كلِّ المحبوبات، واطمأنَّت إلى وعدِه حتى كانت هي الحاملة للعبدِ
على الطاعات المُزعجة له عن المعاصي والمُخالفات.
فلا يزالُ المؤمن مع نفسه في محاسبةٍ ومُناظرة حتى تَنقادَ لداعي الإيمان،
وتكون ممن يُقال لها عن الانتقال من هذه الدار: {يا أيتُها النفسُ
المُطمئنَّة - ارجِعي إلى ربِّكِ راضيةً مَرضيَّةً - فادخُلي في عِبادي -
وادخُلي جَنَّتي} ).[/size]
(إن دعتْك النفسُ الأمارة بالسوء إلى بعض المعاصي؛ قال لها الإيمان:
يا نفس! كيف يليق بكِ أن تأمريني بما يُضعف إيماني، ويعود عليكِ بالخسار؟!
كيف تأمرينني بِلذَّة ساعةٍ تُفوِّت لذاتٍ كثيرةً مِن أبلغها لذة حلاوة الإيمان؟!
أما تعلمين أن للإيمان حلاوة تُزري بِلَذَّات الدُّنيا كلها؟!
فالله الله -يا نفس!- أن تفجعيني بهذه الحلاوة.
ويحك -يا نفس!-!
أمَا لكِ نظر في عواقب الأمور؟!
فإن خاصية العقل: النظر في عواقب الأمور كما ينظر في مبادِيها، وإنه لا يدخل في أمر من الأمور حتى يَعرف المخرج منه بعافيةٍ وسلامة.
أما علِمتِ أن مَن وقع في المعاصي ارتكس، وكلما كرَّرها؛ استحكمَ قيدُه وحبْسُه وانتكس؟!
ويحك -يا نفس!-!
إذا أردتِ أن تعصي اللهَ؛ فلا تستعيني بنِعَمِه على معاصيه؛ فإن المعصية لا تتأتى إلا مِن القوَّة والعافية؛ ومَن الذي أعطاها؟!
ولا تتحرَّك إلا مِن توالي الشبع؛ ومَن الذي يسَّر الأقوات وآتاها؟!
ولا تكون -في العادة- إلا بخلْوة من الخلْق؛ ومَن الذي أسبل عليكَ حِلمَه
وسترَه، ولا تقع إلا بِنظرِه إليك؟! فإيَّاك أن تستخفي باطلاعه وعِلمه.
أما تعلمين -يا نفسُ!- أن مَن جاهد نفسَه عن المعاصي وألزمها الخيرَ؛ فقد سعى في سعادتها، وقد أفلح مَن زكَّاها؟!
وأن مَن أطاع نفسَه على ما تُريد من الشَّر؛ فقد تسبب لهلاكِها ودسَّاها؟!
ويحك -يا نفسُ!-!
كم بيني وبينك في المعاملة: أنتِ تريدين هلاكي، وأنا أسعى لك بالنجاة!!
وأنتِ تحيلين عليَّ بكلِّ طريق يوقِع في المضارِّ والشُّرور، وأنا أجتهد
لكِ في كل أمرٍ مآله الخير والرَّاحة والسُّرور!!
هلمِّي -يا نفس!- إلى صُلح شريف يحتفظ كلٌّ منا على ما له مِن المُراداتِ
والمقاصد، ونتَّفق على أمرٍ يحصل به للطَّرَفَين أصناف المصالح والفوائد.
دعيني -يا نفس!- أمضي متقدِّمًا إلى الخيرات، متَّجرًا فيه لتحصيل المكاسب والبركات.
دعيني أتوسَّل بإيماني إلى مَن أعطاه أن يُتمَّه بتمام الهداية، وكمال
الرَّحمة، وأُكمل ما نقص منه؛ لعل اللهَ أن يُتم عليَّ وعليكِ النِّعمةَ.
ولئن تركتيني وشأني -لَمْ تعترضي عليَّ-بوجهٍ من الوجوه-؛ لأعطينَّكِ كلَّ ما تطلبينَه من المباحات، وكلَّ ما تؤمِّله النفوس وترجوه.
ولئن تركتيني وشأني؛ لأوصلنَّك إلى خيراتٍ ولذَّات طالما تمنَّاها المُتمنُّون، وطالما مات بِحسرتِها -قبل إدراكها- البطَّالون.
يا نفسُ!
أما تُحبين أن تُنقلي مِن هذا الوصف الدنيء إلى أوصاف النفوس المُطمئِنة
التي اطمأنَّتْ إلى ربِّها، وإلى ذِكرِه، واطمأنَّت إلى عطائه ومَنعِه،
واطمأنَّت إليه في جميع تدبيره، واطمأنَّت إلى توحيده والإيمان به حتى
سلاها عن كلِّ المحبوبات، واطمأنَّت إلى وعدِه حتى كانت هي الحاملة للعبدِ
على الطاعات المُزعجة له عن المعاصي والمُخالفات.
فلا يزالُ المؤمن مع نفسه في محاسبةٍ ومُناظرة حتى تَنقادَ لداعي الإيمان،
وتكون ممن يُقال لها عن الانتقال من هذه الدار: {يا أيتُها النفسُ
المُطمئنَّة - ارجِعي إلى ربِّكِ راضيةً مَرضيَّةً - فادخُلي في عِبادي -
وادخُلي جَنَّتي} ).[/size]